تعد هذه الدراسة محاولة للكشف عن ملامح الكتابة التاريخية في الجزيرة العربية والعوامل المؤثرة فيها، وتتبع ما قام به المؤرخون في تدوين أخبار بلادهم في العصر الحديث، ومعرفة ما إذا اتسمت نظرتهم للتاريخ بالشمولية، وما ركزوا عليه في أخبارهم، والموضوعات التي أشاروا إليها باختصار، والتي أغفلوها، ومعرفة ما إذا كان عرضهم للأحداث متأثراً بتكوينهم العلمي أم بتكوينهم السياسي والمذهبي، وخاصة أن الجزيرة العربية كانت خلال فترة الدراسة تتجاذبها تيارات مذهبية وسياسية متعددة، فالأشراف في الحجاز، والدولة السعودية وحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد، والإمامة الإباضيـة في عُمان، والإمامة الزيدية في اليمن، والعلويون والسادة في جنوبي اليمن، والعثمانيون يحاولون بسط نفوذهم على المنطقة، وتكريس وجودهم فيها، والبريطانيون يقومون بمحاولة مماثلة.

لقد ركزت هذه الدراسة على منطلقات المؤرخين والعوامل المؤثرة في كتاباتهم ونظرتهم إلى التاريخ وخاصة أن المؤرخ بحكم تكوينه الفكري

لقد حاولت هذه الدراسة الكشف عن مدى تأثر المؤرخين بالتيارات المذهبية والقوى السياسية، وتبين ما إذا انخرط المؤرخون في الجدل والنقاش الدائر بين هذه التيارات السياسية والمذهبية، وتوضيح ملامح التداخلات والتفاعلات بينها من خلال تتبع الإشارات الواردة في الكتب التي دونوها.

ولما كانت الدراسات الحديثة المهتمة بالتـاريخ الحديث لبلدان الجزيرة العربية قد اعتمدت على كتابات المؤرخين من أبناء الجزيرة كأحد المصادر الرئيسة، فإن إفراد دراسة علمية خاصة بهؤلاء المؤرخين يمكن أن تجد لها مكاناً بين تلك الدراسات.

وكان اهتمام البلدان العربية، وخاصة بعد التحرر والاستقلال، بتاريخها، وإنشاؤها المؤسسات ومراكز البحث، وعقدها المؤتمرات والندوات كمظاهر لهذا الاهتمام، لقد كان ذلك دافعاً آخر لدراسة هذه المؤلفات التي دونها مؤرخون، أو مهتمون بتدوين الأخبار من الفقهاء والمتعلمين، وأصبحت مصادر تأخذ منها تلك الدول ما يخدم وجودها واستمرارها، ويعزز مكانتها في نفوس شعوبها، حيث أثار الرغبة لدى الباحث في التعرف على قيمة هذه المصادر وأحوال مؤلفيها.

دار جامعة حمد تحتفي بالمؤرخين العرب

تمثل هذه الدراسة محاولة للتركيز على العوامل الأكثر تأثيرا في تشكُّل الهوية القطرية، وإبراز الدور التاريخي لمرحلة التأسيس في تعزيز الشخصية والاستقلالية والسيادة حتى أصبح هذا أحد أبرز ملامح الهوية في قطر، وارتبط اختيار هذا الموضوع بالحاجة إلى نشر الوعي بين الشباب بمفهوم الهوية وبدايات ظهورها والعوامل الرئيسة المؤثرة فيها من خلال التعريف بالهوية وأهم مظاهرها وأشكالها، وعلاقة التاريخ والجغرافيا والسكان والنظام السياسي في تشكُّلها والعامل الأكثر قدرة على التأثير في هذا التشكُّل.
كما تهدف الدراسة إلى التعرُّف على فهم العلاقة بين العوامل المؤثرة في تشكُّل الهوية في قطر والاستفادة منها في تعميق فهم الهوية لدى الشباب من خلال تتبع تاريخي للبدايات ومراحل التشكُّل، وإبراز المواقف السياسية في فترة تأسيس الإمارة، وأهمية ذلك كله في تشكُّل الهوية وترسيخ عناصرها وتعزيزها لتكون محفزا لتحقيق الإنجازات في إطار المحافظة على هذه الهوية في ظل التقدم الهائل الذي يشهده العالم في تبادل المعلومات، والإسهام في توثيق الذاكرة التاريخية في ظل التغيُّرات التي يشهدها العالم اليوم من التحول إلى الرقمنة لنشر المعلومات التاريخية وبقراءة جديدة على نطاق واسع لتحقيق الوعي المنشود بتعزيز قيم الولاء والانتماء للوطن والأمة في نفوس الشباب بما يخدم مسيرة التطور والازدهار التي تشهدها دولة قطر اليوم، وتعزيز الوعي بقدرتهم على مواجهة التحديات.